recent
أخبار ساخنة

الميتوكوندريا .. معمل الطاقة بالخلية

الصفحة الرئيسية

الميتوكوندريا .. مشروعك الطاقي ومصنعك الخاص





العنوان لا يبالغ من حيث امتلاكك لمشروع داخلي، قد يتجاوز تعقيده أحدث المشاريع المتقدمة التي وصل إليها البشر خلال هذا القرن، فلكل وحدة من جسمك هذا المعمل الذي لا غنى عنى عنه، لأنه الركيزة التي تعتمد عليها العضيات والخلايا والأنسجة (الجهاز) والجسم كله ، ولكن الشيء المدهش هو أن كل خلية في المتوسط لديها 1000 محطة طاقة خاصة بها ، واسم هذا المصنع هو الميتوكوندريا Mitochondria، حيث وضع هذا المصطلح لأول مرة من قبل العالم كارل بندا في عام 1898 ، ويعني ميتو: الخيط ، وكوندريا : حبيبات.


قد يثير الفضول تعريفنا للميتوكندري ، لذلك دعونا نبدأ بتغذية الفضول العلمي بسؤالنا العام: ما هو الميتوكوندريا؟ وما هو مشروع الطاقة الخاص بي؟ ما هي خصائص الميتوكندريا التي تجعل البحث العلمي مهتما بها؟ دعونا نستكشف معا هذا العضي organelle (جزء الخلوية التي تؤدي العمل الحيوي المنسق)


ما هو الميتوكوندريا ؟


الميتوكوندريا هي عضيات غير عادية. فهي تعمل كمحطات توليد الطاقة في الخلية، ويحيط بها غشائين، ولها جينومها ADN الخاص. كما أنها تنقسم بشكل مستقل عن الخلية التي يتواجدون بداخلها، مما يعني أن مضاعفة عدد الميتوكوندريا غير مقترن بانقسام الخلايا. بعض هذه الميزات هي بقايا من الأسلاف القدماء من الميتوكوندريا.


الميتوكندري يتواجد بالخلايا الحقيقية النواة ، يقدر طوله بعدة ميكرومترات ( 1/1000000 متر ) وعرضه بين 0.5 إلى 1 ميكروميتر ، بنيته مزدوجة التركيب ، لديه غشاء داخلي inner membrane و غشاء خارجي outer membrane يفصل بينهما حيز بيغشائي intermembrane space، ويتميز الغشاء الداخلي بانثناءات إتجاهها نحو الداخل، إضافة إلى لولب DNA mt الخاص به، الذي يسبح بالفضاء الداخلي المسمى بماتريس الميتوكندري


دور مكونات الميتوكندريا في العمل الطاقي


  • الغشاء الخارجي للميتوكندري يضم العديد من بروتينات النقل transport proteins التي تجعله يتميز بنفاذية permeability (يقوم بتسيير المواد الحيوية التي تخرج وتدخل للميتوكوندريا) جد مهمة، وأنزيمات enzymes ومستقبلات receptors.
  • الغشاء الداخلي للميتوكندريا كما عرفناه أنه يضم أعراف مميزة تجعل التفاعلات شديدة ومركزة بين خارج الميتوكندريا (سيتوبلازم الخلية) وداخله (ماتريس)، لكن نتوقف عند هذا الجزء المهم الذي وجب ذكر أن عدد هذه الأعراف يختلف من نسيج لنسيج، ومن نوع حيواني لآخر.
  • الماتريس وتحدث على مستواه دورة Krebs



يشار أن هذا العضي organist كان يعيش منعزلاً ووحيداً بعيداً عن خليته حقيقية النواة


كيف لهذا العضي أن يكون خارج الخلية ؟


لو لاحظنا جيدا مظهره، سنجد أنه يحتوي على غشائين بنيتهما تشابه كثيرا بنية الخلية، لذلك يمكن القول أنه شكل مصغر للخلية، كما أن الميتوكوندريا قادر على أن ينمو و يكبر، وينقسم بفضل DNA mt،وما يدفعنا لقول هذا كون هذا DNA خاص به، وله خصائص تختلف عن DNA نواة الخلية.


يتضح أن DNAmt الميتوكندريا هو كروموزوم واحد صغير، في شكل دائري مثل البكتيريا، كما يتميز الميتوكندري بالعديد من الإنزيمات ونظم النقل المشابهة لتلك التي في البكتيريا.


هذه الملاحظات جعلت البايولوجيين يطرحون نظرية تفسر ذلك بطريقة تزيل الضباب عن الأمر. ففي بعض الطحالب، مثلالحنديرة (Euglena)، يمكن تدمير البلاستيدات بواسطة بعض المواد الكيميائية أو بسبب غياب الضوء لفترة طويلة دون أن يؤثر ذلك على الخلية. في مثل هذه الحالة لا يمكن تجديد البلاستيدات. مما يدل على أن تجديد الخلية يعتمد على مصدر خارج الخلية مثل انقسام الخلية أو تعايش داخلي.


التعايش الداخلي endosymbiosis نظرية تقول أن الميتوكوندريا كان جسيم وحيد الخلية منفصلا ، أي كان نوعاً شبيها بالبكتيريا ، لكن شيئا ما جعله يبتلع من طرف حقيقة النواة، فقام الاثنان بمواكبة الحياة معاً فقد احتاجته في فترة ما لتواصل العيش والاستمرار على كوكب الأرض، حيث أن هذا الإندماج حدث منذ 2-3 مليار سنة.


مالذي احتاجته الخلية من الميتوكوندريا ؟


الميتوكوندريا هو العضي الذي يقوم بإنتاج الطاقة لعمل الخلية، كما يمكنه تخزينها على شكل جزيئات ادينوزين ثلاث فوسفات ATP ، فآلية هذا الإنتاج جد مهمة، حيث أن جزيئة الغلوكوز glucose عندما تدخل للخلية تقوم بالانحلال في السيتوبلازم Cytoplasm إلى جزيئتي بيروفات Pyruvate ( مركب بثلاث كاربونات ) والذي يتحول بدوره للاسيتيل كو اي Acetyl CoA بفضل تدخل أنزيم بيروفات ديزيدروجيناز Pyruvate dehydrogenase ، يدخل هذا المركب الأولي ويتعرض لظروف آلية حضرها الميتوكندريا ، ليبدأ عمل هذا المصنع ، فقد وجد المواد الأولية، وباستعماله لانزيمات عديدة كالأكونيتاز Aconitase وغيره ,يتم تحويل الغلوكوز إلى العنصر الطاقي ATP.




هذه العناصر تلبي احتياجات الخلية أثناء قيامها بوظائفها، لأن هذه العناصر هي تقريبا منتج الطاقة المستخدمة في معظم تفاعلات الخلايا، فأي نشاط خلوي سوف يحتاج إلى قدر كبير منتوجات الميتوكوندريا الطاقية ATP، ولكن المركب الثاني المشارك في الإنتاج هو ثنائي الأوكسيجين، وهو أمر مهم جدا لاستكمال إعداد الطاقة، وجميع هذه التفاعلات التي تجري داخل الميتوكوندريا (دورة كريبس) تسمى بالتنفس الخلوي ،هذا وتجدر الاشارة إلى أن انحلال الجلوكوز في السيتوبلازم ينتج أيضا طاقة "اثنين من جزيئات الطاقة ATP فقط ، فالبكتيريا غير حقيقية النواة eukaryotic تكفيها عملية انحلال الكليكوز لإكمال أنشطتها والنمو ، في حين أن التنفس الخلوي ينتج كمية كبيرة من الطاقة ATP . حيث يؤدي هدم جزيئة واحدة من الكليكوز الى تركيب 38 جزيئة ATP.كما أن حمضا ذهنيا واحدا ( مثل البالميتات Palmitate ) قد يصل إلى إنتاج 129-130 ATP.

بشكل عام، بالإضافة إلى حقيقة أن البروتينات مصدر للطاقة، ولكن الدهنيات هي أغنى مصدر.


تتباين وظائف خلايا الجسم الحيوية، فهل تتغير الميتوكوندريا طبقا لهذا؟


الميتوكوندريا هي وحدة الطاقة في خلايانا. تتواجد الميتوكوندريا بكثافة في خلايا الدماغ ككل وليس فقط المخ، الخلايا العصبية بشكل عام، والخلايا العضلية بأنواعها الثلاث (الملساء، الإرادية، والقلبية). يعود سبب كثافة الميتوكوندريا في الخلايا الآنف ذكرها لسبب كمية الطاقة التي تحتاجها تلك الخلايا لتؤدي وظائفها.
الخلايا العصبية تعتمد على الجلوكوز بشكل كبير في انتاج الطاقة (للاستفادة القصوى من الجلوكوز في انتاج الطاقة، تلجأ الخلايا للتنفس الخلوي والذي يتم في داخل الميتوكوندريا.)، والخلايا العضلية تقوم بتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية مما يتطلب الكثير من الطاقة.
خلايا الجلد والخلايا الدهنية لا تحتاج هذه الكمية من الطاقة لتأدية وظائفها.

بمثال بسيط يمكننا فهم ذلك، نحن نعلم أن عداء المسافات الطويلة تداريبه تتركز في التحمل والتنفس والمحافظة على مستوى معين من الجري، فرئتي هذه الفئة من الرياضيين ضخمة مقارنة بالآخرين ، مما يجعلنا نفكر أن نسبة الاوكسين المستخدمة ستكون أكثر، هذا دليل على أن الجسم محتاج أكثر للأوكسيجين ، واحتياجه هذا راجع لإحتياج الرياضي الطاقة اللازمة لمواصلة الجري فترة معينة ( قد تصل لساعات في بعض الحالات ) .

فلو أخذنا خلية أحد رياضيي هذه الفئة سنجدها مليئة بالميتوكوندريا بعدد يفوق المتوسط لدى البشر العاديين، كما أن تركيبته تختلف كثير بسبب شدة الأيض و العمليات المستمرة و تشغيل كبير للأنزيمات.

نستنتج أن شدة الممارسة الرياضية و نسبة الاوكسيجين المستهلك إضافة الى توفر الغلوكوز والمركبات الحيوية هي عوامل متداخلة تؤثر في هذا العضي ونشاطه.

أزلنا الغموضا قليلا عن آليات عمل الميتوكوندريا ، كما أدركنا تاريخه حول علاقته بالخلية الحقيقية النواة التي احتاجت له من أجل المضي قدما في تطوير ذاتها ومواجهة الظروف القاسية .

إعجابنا بهذا المصنع الذي نمتلكه يجرنا للاستفهام حول سلفه ، فقد نتسائل من قدمه لنا ؟ فكر في فرضية تجيب عن ذلك قبل أن تصل لآخر سطر من هذه السطور.

ويشارف هذا المقال البسيط أن ينتهي، لكنه لم يتوقف بعد من إثارة رغبتك العلمية، لأنك ستجد في سؤاليه الختامين ما قد يجعلك فضوليا أكثر للمقال الذي يليه، حيث نضع علامة استفهام حول علاقة الميتوكوندريا بالشيخوخة ؟

google-playkhamsatmostaqltradent