"كريسبر" تمكن العلماء من تنقيح الحمض النووي للخلية بقدر غير مسبوق من الدقة (بيكسابي) |
تقنية كريسبر crispr-cas9 للتعديل الجيني
تقنية كريسبر كاس 9 هي تقنية للتعديل الوراثي، وقد خلقت جدلا واسعا في الميدان العلمي، هي تقنية سريعة وغير مكلفة، وأكثر دقة من تقنيات التعديل الوراثي الكلاسيكية، واستعمالاتها كثيرة جدا، فهي تقنية فريدة تمكن علماء الوراثة من تعديل أجزاء من جينوم الكائن الحي، بما في ذلك البشر، وذلك من خلال إزالة أو إضافة أو تغيير مكونات مقطع من الحمض النووي (DNA). ويسعى العلماء لاستخدامها في علاج الأمراض، مقابل وجود مخاوف منها،
اكتشاف تقنية كريسبر كاس 9 للتعديل الوراثي
ربما يكون من المثير للاهتمام أن نعرف أنه على الرغم من التغطيات الإعلامية المكثفة التى ألقت الضوء على هذه التقنية مؤخرًا، فإن العلماء كانوا يدرسون هذه التقنية في البكتيريا منذ ثمانينيات القرن الماضي.
نُشر أول تقرير عن كريسبر كاس 9 عام 1987، عندما اكتشف علماء يابانيون وجودها في الحمض النووي في بكتيريا E.Coli. وفي عام 2012، اعتمد العلماء مصطلح "كريسبر". ولمدة عقد آخر، عمل العلماء على كشف تفاصيل كريسبر، إذ اكتشفوا أن مجموعة من البروتينات "كاس" وجزيئات الحمض النووي الريبي المتخصصة- تؤدي دورًا مهمًّا في الجهاز المناعي البكتيري. إذ يعمل هذا النظام على حماية هذه الكائنات من الفيروسات التي تصيبها حيث تمثل هذه التسلسلات القصيرة Spacers جزءًا من الحمض النووي للفيروسات التي أصابتها في مرة سابقة تتعرف بها البكتيريا على الفيروس إذا أصابها مرة أخرى وتعمل على تدميره.
ويُدعى هذا النظام بأكمله -من تكرارات الحمض النووي وبروتينات كاس، والحمض النووي الريبي- باسم نظام كريسبر/ كاس.
استعمالات تقنية كريسبر كاس 9
منذ ظهرت تقنية كريسبر كاس 9 أثارت اهتمام الباحثين الذين يأملون في تعديل جينات البشر بغرض: القضاء على الأمراض، وإكساب النباتات قوة تحمُّل، والتخلص من مسبِّبات الأمراض، وغيرها من الأهداف. يصف بروس كونكلين -عالِم الوراثة في معاهد جلادستون في سان فرانسيسكو، بكاليفورنيا الأمريكية- تأثير تقنية كريسبر قائلًا:
"إنها تقلب كل شيء، رأسًا على عقب".
على سبيل المثال، في أمراض الدم مثل أنيميا الخلايا المنجلية وأنيميا البحر المتوسط، والأخيرة تمثل بين الاضطرابات الجينية التي يتسبب فيها جين واحد أكثرها شيوعًا في العالم، كما تمثل مشكلة كبيرة في مصر، حيث تمثل أنيميا البحر المتوسط من النوع بيتا حوالي 85% من الأنيميا المزمنة الناتجة عن تكسير كرات الدم الحمراء.
وهناك دراسة نشرت في دورية نيتشر، في نوفمبر الماضي، استخدم باحثوها تقنية كريسبر كاس9 لاستهداف جين "بيتا جلوبين" الذي يمثل الخلل فيه سببًا رئيسيًّا في الإصابة بهذه الأنواع من الأنيميا. وقد نجح الباحثون في تصحيح هذه الطفرة لتنتج هذه الخلايا النوع الطبيعي من الهيموجلوبين المسمى بهيموجلوبين A.
مبدأ عمل تقنية كريسبر crispr cas9
تستند تقنية crispr على جزئين رئيسيين يعملان على إدخال طفرة في الحمض النووي (DNA) وهما:
أنزيم يدعي cas9: يعمل كمقص جزيئي (molecular scissors) يمكن من قطع شريطي الحمض النووي في موقع معين من الجينوم، مما يمكن الباحي من إضافة أو إزالة مقطع من الحمض النووي.
قطعة من الحمض النووي الريبي الموجه RNAg : تتكون من حوالي 20 قاعدة آزوتية معدة مسبقا ومضمومة داخل قطعة أكبر من RNA كدعامة، ترتبط هذه الدعامة بالحمض النووي بينما تعمل القطعة المعدة سلفا على توجيه أنزيم cas9 إلى المكان الصحيح من الجينوم، للقيام بعملية القص.
في البداية يتم تصميم قطعة ال RNAg للعثور على تسلسل محدد من الحمض النووي والارتباط به لأنها تحتوي على قواعد آزوتية متكاملة مع قواعد المقطع المراد التعديل عليه، وهذا يضمن ارتباط قطعة الRNA مع قطعة الDNA المستهدفة.
يرتبط أنزيم cas9 بقطعة الRNAg المعدة سلفا على نفس المكان المراد التعديل عليه ويقوم بإحداث قطع على شريط الDNA على مستوى المقطع المستهدف.
مخاوف من تقنية كريسبر للتعديل الجيني
تسمح التقنية للعلماء بتغيير أي جين يستهدفونه فعليا، مما يفتح آفاقا جديدة في الطب الوراثي بسبب قدرتها على تعديل الجينات بسرعة وفاعلية.
لكن المخاوف المتعلقة باستخدام تلك التكنولوجيا في خلايا التكاثر البشرية أو الأجنة بمراحلها المبكرة تتمثل في أن التغييرات ستنتقل للأجيال التالية، كما قد تستخدم لإنتاج ما يطلق عليه "أطفال وفق الطلب".
كما يجب التأكد من أن تقنية كريسبر آمنة، وأن التعديل الجيني فعال، وأنه لا يؤدي إلى إحداث أي تغييرات في مكان آخر في الجينوم قد تؤدي إلى أضرار.