recent
أخبار ساخنة

أبحاث علمية لوضع «أطلس الخلايا البشرية»

الصفحة الرئيسية
تتضافر أحدث تقنيات التصوير مع علم الأحياء الجزيئية، لوضع خرائط للسرطانات والأنسجة البشرية، خليَّةً بخليَّة.

مبادرة لرسم أطلس ضخم بجميع خلايا جسم الإنسان
صورة التُقطت بمجهر إلكتروني ماسح لخلية من سرطان عنق الرحم.
Steve Gschmeissner/Science Photo Library

اندهش عالِم الأحياء الجزيئية جريج هانون، عندما استطاع - للمرة الأولى - المرور وسط أحد الأورام، وألهمه الأمر. فباستخدام نموذج واقع افتراضي، تَمَكَّن هانون وزملاؤه - من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة - من دخول الأوعية الدموية والخروج منها، كما فحصوا خلايا الجهاز المناعي المرتشحة، وصاغوا فكرة لإنشاء أطلس غير مسبوق للأورام.

في العاشر من شهر فبراير، أعلن "مركز أبحاث السرطان" في المملكة المتحدة – ومقره لندن - أن فريق هانون - المكون من علماء في الأحياء الجزيئية، وفلكيين، ومصممي ألعاب - سيتلقى ما قد يصل إلى 20 مليون جنيه استرليني (ما يعادل 25 مليون دولار أمريكي)، على مدار السنوات الخمس التالية؛ لإنشاء خريطة لسرطانات الثدي بتقنية الواقع الافتراضي التفاعلي.

كان الورم الذي مرّ خلاله هانون نموذجًا مصطنعًا، لكن النماذج الحقيقية ستحوي بيانات حول التعبير عن آلاف الجينات وعشرات البروتينات في كل خلية من خلايا الورم، على أمل أن يعكس هذا التفصيل المكاني والوظيفي المزيد عن العوامل التي تؤثر على استجابة الورم للعلاج.

هذا المشروع ليس إلا واحدًا من سلسلة تهدف إلى إنشاء جيل جديد من أطلس الخلايا البشرية، وهي بمثابة خرائط للأعضاء، أو الأورام، تصف موقع كل خلية وتكوينها بتفاصيل دقيقة.

وقد منح "مركز أبحاث السرطان" في المملكة المتحدة فريقًا آخر مبلغًا يصل إلى 16 مليون جنيه استرليني؛ لتصميم خريطة أورام مشابهة، تركِّز على المستقلبات والبروتينات. ومن المقرر أن يعلن "المعهد الوطني الأمريكي للصحة العقلية" في وقت لاحق من هذا العام أسماء الفائزين بمِنَح لوضع خرائط لأمخاخ الفئران، بتفاصيل جزيئية مذهلة.

وقد اجتمع الباحثون في يومي 23 و24 من شهر فبراير في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا؛ لاستئناف التخطيط لأطلس الخلايا البشرية، وهو مشروع لم يتم تمويله حتى الآن، لرسم خريطة تضم كل خلية في الجسم البشري.

يقول إيدو أميت، الذي يدرس علم الجينوم الخاص بجهاز المناعة في "معهد وايزمان للعلوم" في رحوفوت في إسرائيل:

"إنه موضوع مثير للغاية. يتعلق الأمر بالموقع.. والموقع.. ثم الموقع. ويعلم المجتمع أن هذه الخطوة يجب أن تكون هي الخطوة التالية".


على مدار السنوات القليلة الماضية، تهافت الباحثون على التقنيات التي تسمح لهم بوضع تسلسل المتممة الكاملة للأحماض النووية الريبية – عشرات الآلاف منها – في الخلايا المفردة. ويمكن للأحماض النووية الريبية تلك أن تكشف أيًّا من الجينات يتم التعبير عنها، وأن تقدم دلائل عن الوظيفة الفريدة للخلية في عضو، أو ورم معين.

وعادةً ما تتطلب طرق وضع التسلسلات التقاط الخلايا أولًا من النسيج الذي تعيش فيه. ومِن شأن ذلك أن يدمِّر بعض المعلومات القيِّمة المتعلقة بمكان وجود الخلايا في الأصل، وماهية جيرانها التي كانت تتفاعل معها. وتلك معلومات من شأنها أن تحمل أدلة جديدة على وظيفة الخلية، وكيف يمكنها أن تنحرف في النسيج المريض.

يقول نيكولا كروسيتو، عالِم الأحياء الجزيئية في معهد كارولينسكا في ستوكهولم: "تحوي تقنيات تسلسل الخلية الواحدة كثيرًا من الإثارة والأمل، لكن عندما نفكر في السرطان والأنسجة الفسيولوجية المعقدة، نحتاج إلى أن نكون قادرين على وضع هذه المعلومات في سياقها المكاني".

وقد بدأت التقنيات القادرة على فِعْل ذلك في الظهور بالفعل. ففي السادس من فبراير، أعلن أميت وشاليف إتزكوفيتز - من معهد وايزمان أيضًا - وزملاؤهما أنهم قد رسموا خريطة كاملة، خليةً بخلية، لفُصَيْصات كبد فأر مع تسلسلات الحمض النووي الريبي في كل خلية (K. B. Halpern et al. Nature 542, 352–356; 2017). تنقسم فُصَيْصات الكبد بطبيعتها إلى طبقات متحدة المركز، وقد عثر الفريق على أنماط مميزة للتعبير الجيني في الخلايا الموجودة عند السطح البيني، الواقع بين طبقتين.

في الوقت نفسه، انضم هانون إلى عالِم الفيزياء الحيوية شيهوواي جوانج - من جامعة هارفارد في كامبريدج في ماساتشوستس - الذي طَوَّر منهجًا لتشفير الأحماض النووية الريبية بشفرات تعريف ثنائية يمكن قراءتها داخل الخلايا باستخدام تقنيات التصوير. ترصد هذه التقنية آلاف الأحماض النووية الريبية في خلية واحدة في وقت واحد، دون فصلها عن جيرانها. يقول جوانج: "في كل مرة أنظر فيها إلى الصور بشفرات التعريف الظاهرة فيها، أتذكر فيلم "ذا ماتريكس" The Matrix".

إنّ رسم الخرائط الجزيئية للحمض النووي الريبي أمر بسيط، مقارنة بالعمل على البروتينات وغيرها من الجزيئات. تقوم جوزيفين بانش الآن - في مختبر الفيزياء الوطني في تيدينجتون بالمملكة المتحدة - وزملاؤها بالعمل على تطوير أطالس للأورام، بمعلومات تفصيلية عن الجزيئات الصغيرة، مثل الدهون، والعقاقير، والمستقلبات، بالإضافة إلى جزيئات كبيرة، مثل البروتينات. وستسمح هذه الطرق لفريق العمل أن يُقيِّم حوالي 50 بروتينًا في كل عينة.

قد يبدو ذلك أقل تأثيرًا من آلاف الأحماض النووية الريبية المُقاسة بتقنيات أخرى، لكن المعلومات الخاصة بـ50 بروتينًا من البروتينات – التي يمكن اختيارها بما يتناسب مع أنسجة معينة، والموجودة في تراكيب مختلفة - أمر كاف لتحديد أنواع الخلايا الأساسية، وقياس أهم المسارات الجزيئية التي تعمل بها، كما يقول جاري نولان، عالِم الأحياء الجزيئية في جامعة ستانفورد.

كما يشير إلى أن البروتينات تقدِّم رؤية لوظيفة الخلية مباشرةً، أكثر مما يقدمه الحمض النووي الريبي، ومن ثم يمكنها أن تسمح للباحثين بربط بياناتهم – بصورة أفضل - بأطالس الخلايا التي سبق نشرها، والتي تعود إلى عدة عقود مضت.

يقول هانون إنه أيًّا ما كانت الطرق التي تنجح في الوصول إلى القمة، سيحتاج الباحثون أيضًا إلى تطوير طرق جديدة لعرض البيانات. ويضيف:

"لتقنيات الواقع الافتراضي قُوَى ضخمة، لكنّ كَمّ المعلومات سيكون كبيرًا، حيث سنحتاج إلى طرق جديدة للتفاعل معها".



المقال باللغة الانجليزية
الكاتب
هايدي ليدفورد
المصدر
Nature (2017) doi:10.1038/nature.2017.21508 | Published online 20 Mar 2017

google-playkhamsatmostaqltradent